ولم يقل: لا يفقهون، أو يقول: ونوقر آذانهم فهم لايسمعوا، فكل هذا دليل على سعة اللسان.
فكيف يستقيم لمبتدع أن يتعلق ببعض هذا اللسان دون سائره، فيزعمون أن الله تبارك وتعالى لما نسب الفعل إلى فاعل لم يجز أن يكون مفعولا به، أو محمولا عليه بقضاء سابق أوقدر موافق.
وكذلك قوله إخبارا عن الملأ: (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (١١٠)
والعليم اسم من أسماء الله. وقال: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)
فلم يضر الله شيئا من وفاق أساميهم مع اسمه، إذ كان ذلك من حق اللغة المحتملة لكل من علم شيئا حقا كان أو باطلا أن يسمى به عليما، وكذا قلنا: إن الله - جل جلاله - له سمعه وبصره اللذان هما غير مخلوقين بل أزليين سميع بصير، كما أن المخلوق بسمعه وبصره المخلوقين المحدثين الزائلين سميع بصير، لا يوجب أن يكون الخلق بسمعه المخلوق لأن الله يسمى به خالقا ولا الله بسمعه الأزلي مخلوق، لأن سمى سمع خلقه سمعا ولكنه من ضاق عن سعة اللسان لم يكن لجهله نهاية ولا بالدين عناية.