المعتزلة:
* * *
وقوله: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)
حجة على المعتزلة شديدة إذ لابد لهم من أن يقولوا ما لم تدره النفس
من كسبها غدا يدريه الله، بل قدم ذكره بأن علمه عنده فقال: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) كذا وكذا وكذا.
فإن قالوا: يقدر على أن لا يكسب ما علمه الله من كسبه، فقد كفروا
لأن الله أعلم ما يكون من أمره في كسبه فلا يقدر الحيدة عنه، كما علمه
منه موته بأرض فلا يقدر أن يموت بغيرها.
وإن قالوا: لا يقدر أن يحيد عما علمه منه، وما علمه من شيء فهو
الذي علمه لا غير. أقروا بكل ما أنكروه، ولزمتهم الحجة فيما جحدوه.
ولا بُد من القول بأحدهما، والعلم لا يمكن فيه الاختيار كما يزعمونه
في الإرادة، وَلا في الإرادة يمكن لو أنصفوا.
فإن قالوا: إنما العلم أنه سيختار غدا كسبا، لا أنه يعمل كسبا بغير
اختيار.
قيل: أفيعلم على أيهما يقع اختياره، أو لايعلم.
فلا بُد من أن يقولوا: يعلم، وإلا كفروا.