والظالم نفسه في هذه الآية هو لمن تدبره: الذي يموت بغير توبة، لأنه
لو كان تاب لكان مع المقتصدين والسابقين لا محالة، إذا التوبة حاطة
للذنوب، ومبدلها حسنات والله - جل وتعالى - فَرَق المصطفين في
الآية ثلاث فِرق، فلا يجوز أن نردهم إلى فريقين، والتائب راجع بتوبة
إلى أحدهما زائل عنه اسم الظلمة لنفسه لا محالة، فالظالم في حكم
الآية هو الميت بغير توبة، وليس بمستنكر أن يظلم المصطفى نفسه
لجواز الذنوب عليه فكل مذنب ظالم نفسه، فالمصطفى يكون مذنبا ولا
يكون منافقا.
فنحن الآن نسامح المعتزلة في أن هذا الظالم الداخل في جملة المصطفين
يمكن أن لا يدخل الجنة حتى يجازى بظلمه نفسه، وأرجو أن لايفعل الله
به؛ أليس قد وُعِدَ الجنة بعد ذلك مع المقتصدين والسابقين.
فكيف يخلد إذاً المذنبون مع الكافرين في النار على زعمهم، والله قد
وعدهم الجنة دون الكافرين.
فهذا واضح لا إشكال فيه إن وقفوا لفهمه، وأضربوا عن اللجاج