قيل: إنما قلته هناك على وجه المناقضة، ليتبين للقوم خطأ مذهبهم
في الوعيد، إذ هم يَرون العقوبات والكرامات معا باكتساب العبيد محضا
لا يشوبه تفضل على محسن، وَلا قضاء على مجرم، فأريتهم على قياد
مذهبهم ما هدم بنيانهم الذي بنوه في الوعيد، وفي هذا معا على
الباطل، ليكونوا على يقين من كسر قولهم، وفساد نحلتهم، فأما
نحن فلا ننكر أن الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين محتاجون إلى فضل
رحمة الله لا ينجي أحدا منهم عمله إلا أن يتغمدهم الله بفضله
ورحمته، كما قال رسول الله - ﷺ - وكيف
تنجيهم أعمالهم ويدخلون الجنة بها وحدها، وهي لو قِيست بنعمة
واحدة من نِعم الله عليهم في الدنيا ما وَفت، فكيف بجميع نعمه