أنهم دعوا إلى السجود له - في دار الدنيا فامتنعوا، بما سبق في قضائه عليهم أنهم لا يفعلونه، فلم يستطيعوه في الدنيا، ولا في الآخرة. وهذا حجة ثابتة عليهم في باب " الاستطاعة "، ألا ترى أنه قد أخبر - نصًّا - عنهم أنهم لا يستطيعون السجود، لما يدعون إليه في الآخرة، واستطاعه غيرهم ممن سبقت لهم منه الرحمة، فاستطاعوه في الدنيا والآخرة.
* * *
قوله: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤).
حجة عليهم خانقة، لأن الاستدراج - في اللغة - هو كالخديعة.
كأنه يفعل بهم الشيء الذي يحسبونه خيرًا، وهو في الحقيقة ضده.
فقد أخبر الله - جل جلاله، كما ترى - أنه سيستدرجهم من حيث
لا يعلمون، ويملي لهم، وقد حقق ذلك بقوله: (كَيْدِي مَتِينٌ)، فهل بقي بعد هذا ارتياب، لو أنصفوا من أنفسهم.
وسلموا مقاليد معرفة هذا العدل إلى ربهم، وأقروا على أنفسهم بجهلهم.