الضلالة.
* * *
قوله: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧).
رد على المعتزلة والقدرية شديد لو تدبروه، وذلك أن نوحًا - مع
نبوته - جمع في دعائه بين إضلالهم للعباد، وإيلادهم الفجار والكفار
فلم ينكره عليه ربه، ثم أنزله على نبينا، صلى الله عليه وسلم، في
كتابه، كما ترى مدحًا للداعي، وذمَّا للمدعو عليه، وأخبر - نصّا
بغير تفسير، ولا تأويل - أن المولود يلد فاجرًا كافرًا، قبل أن
يكتسبهما كبيرًا بسييء عمله.
فإن قيل: لم يرد أنهم يلدون كذلك قبل الاكتساب، إنما أراد أنهم
يبلغون فيكتسبون.
قيل: ليس هذا في التلاوة، ولو كان فيها أيضاً لما نفعهم، لأن من
أخبر الله - جل جلاله - عنه بأنه يكتسب الفجور والكفر بعد البلوغ.
لا يقدر على اجتنابهما، وقد سوّى في الخطاب بينه وبين من لم يخبر ذلك
عنه، وأمره أن يجتنبهما، كما أمر غيره باجتنابهما.
فإن زعموا: أنه قادر على اجتنابهما إن شاء، أفليس