وعن هذا جوابان:
أحدهما: أن التقدير: ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنة، على المستعمل، إلا أنه وضع الجميع موضع الواحد على الأصل؛ لأن الأصل أن تكون الإضافة إلى الجميع.
قال الشاعر:
ثلاث مئين قد مضين كواملا وها أناذا قد أبتغي من أربع
فجاء به على الأصل.
والثاني: أن العرب تستغني عن الواحد بالجمع، وعن الجمع بالواحد، فمما استغنى فيه عن الواحد بالجمع قولهم: قدر أعشار، وثوب أخلاق، ومما استغنوا فيه بالواحد عن الجمع قوله:
بها جيف الحسري فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
وقال آخر:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص
وقال الله تعالى في الاستغناء بالجمع عن الواحد: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ [هود: ١٤]، الخطاب: للنبي - ﷺ - ثم قال للكفار: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾ [هود: ١٤]، يدل على ذلك قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هود: ١٤]، ومما جاء من قوله تعالى على الاستغناء بالواحد عن الجمع قوله تعالى: ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ [الحج: ٥]، وهو كثير.