ومن ذلك أيضاً ما وقع في قوله تعالى على لسان سحرة فرعون: ژ؟ ؟ ؟ ؟ ہ ہ ہ ہژ[ الأعراف: ١١٣]، فقد دار معناها عند المفسرين بين الإخبار والاستفهام، وفسَّر بعضهم الإخبار بأن المقصود منه إيجاب الأجر واشتراطه، كأنهم قالوا: بشرط أن تجعل لنا أجراً إنْ غلبنا، كما استدلوا على الاستفهام باطراد حذف أداته في كلام العرب، وبقراءة ابن عامر وغيره: (أئن) بإثبات الهمزة، وتوافُق القراءتين أولى من تخالُفهما(١).
وقد فصَّل الطاهر بن عاشور في الأمر ودقق، فرأى أن قراءة مَنْ قرأ مِنْ غير همزة الاستفهام، كنافع وابن كثير وغيرهما، يجوز أن تكون قراءته على الخبرية؛ لأنهم وثقوا من حصول الأجر لهم حتى صيَّروه في حَيِّز المخبَر به عن فرعون، ويكون جواب فرعون بـ ( نعم ) تقريراً لما أخبروا به عنه، كما يجوز أن تكون قراءتهم على الاستفهام، كما هو ظاهر الجواب بـ ( نعم )، وهمزة الاستفهام محذوفة تخفيفاً. أما قراءة مَنْ قرأ بهمزة الاستفهام فلا تحتمل قراءته إلا الوجه الثاني، وهو الاستفهام(٢)، وقد لَخَّص لنا كل ذلك في موضع آخر - عند حديثه عن جواب فرعون بـ ( نعم ) - فقال: «وقول فرعون ( نعم) إجابة عَمَّا استفهموا، أو تقرير لما توسَّموا، على الاحتمالين المذكورين في قوله: ژ؟ ؟ ؟ژ آنفاً، فحرف ( نعم ) يقرر مضمون الكلام الذي يجاب به، فهو تصديق بعد خبر، وإعلام بعد استفهام بحصول الجانب المستفهم عنه، والمعنيان محتملان هنا على قراءة نافع ومن وافقه، وأمَّا على قراءة غيرهم فيتعين المعنى الثاني » (٣).

(١) انظر: الحجّة في القراءات السبع لابن خالويه ص ٨٨، وروح المعاني ٩/٢٤.
(٢) انظر: التحرير والتنوير ٥/٤٥.
(٣) التحرير والتنوير ٥/٤٦.


الصفحة التالية
Icon