لعل من أخطر المظاهر الصوتية وأهمها في الأداء القرآني، ظاهرة الوقف التي يتوقف عليها فهم المعنى في كثير من الآيات؛ مما دعا السلف إلى تعلّم الوقوف، جمع (وقف) والاعتناء بها. ولسنا هنا بحاجة إلى بسط القول في تعريفاته وأنواعه؛ إذ قد كفتنا كتب كثيرة متخصصة - في القديم والحديث - مؤونة ذلك، وبناء على ذلك سنحاول هنا رصد بعض الآيات القرآنية التي يؤدي الوقف فيها وظيفة دلالية لها خطرها العظيم في فهم الآية وتحوّل معناها بتحوّل موضعه. ولا بأس أن نورد قبل ذلك قول الأنباري(١) في أهمية الوقف في فهم كتاب الله، إذ يقول: «من تمام معرفة إعراب القرآن ومعانيه وغريبه معرفة الوقف والابتداء» (٢). كما جاء عن السيوطي (٣)- نقلا عن النّكزاوي (٤)

(١) هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري (٢٧١-٣٢٨هـ ٨٨٤-٩٤٠م): من أعلم أهل زمانه بالأدب واللغة وأوسعهم حفظاً، ولد في الأنبار (على الفرات) وتوفي ببغداد. وكان يتردد إلى أولاد الخليفة الراضي بالله، يعلمهم. من كتبه (الزاهر) في اللغة، و (إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل) و (غريب الحديث). الأعلام ٦/٣٣٤.
(٢) إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عزّ وجل ص ١٠٩-١١٠.
(٣) هو عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين(٨٤٩-٩١١هـ ١٤٤٥-١٥٠٥م): إمام حافظ مؤرخ أديب. له نحو (٦٠٠) مصنف، نشأ في القاهرة يتيماً (مات والده وعمره خمس سنوات) ولما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس، فألَّف أكثر كتبه. من أشهر كتبه (الإتقان في علوم القرآن). انظر: الأعلام ٣/٣٠١-٣٠٢.
(٤) هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر النكزاوي، معين الدين، أبو محمد(٦١٤-٦٨٣هـ ١٢١٧-١٢٨٤م): مقرئ، من أهل الإسكندرية، له (الشامل) في القراءات السبع، و(الاقتداء في معرفة الوقف والابتداء). انظر: الأعلام ٤/١٢٥..


الصفحة التالية
Icon