وكذلك نجد أن ( ما ) يدور معناها بين الاستفهام والتعجب في قوله تعالى: ژک ک گ گ ژ[ عبس: ١٧]، يقول القرطبي: «ما أكفره: أيُّ شيء أكفره؟ وقيل: (ما) تعجب، وعادة العرب إذا تعجبوا من شيء قالوا: قاتله الله ما أحسنه! وأخزاه الله ما أظلمه! والمعنى: اعْجَبوا من كفر الإنسان لجميع ما ذكرنا بعد هذا، وقيل: ماأكفره بالله ونعَمه مع معرفته بكثرة إحسانه إليه، على التعجب أيضاً، قال ابن جريج: أي ما أشد كفره! وقيل: (ما) استفهام، أي: أيُّ شيء دعاه إلى الكفر؟ فهو استفهام توبيخ، و(ما) تحتمل التعجب، وتحتمل معنى أيّ؛ فتكون استفهاماً» (١)، وقال ابن كثير في المعنى: « قال ابن جرير: ما أكفره، أي ما أشدَّ كفره، وقال ابن جرير: ويحتمل أن يكون المراد: أيّ شيء جعله كافراً؟ أي ما حمله على التكذيب بالمعاد؟ وقد حكاه البغوي عن مقاتل والكلبي» (٢). وهذا التباين بين المعنيين راجع إلى طريقة الأداء، إذ تحتمل الآية صيغة الاستفهام، كما تحتمل صيغة التعجب، وفرقٌ بين الصيغتين.
ولم يراع المترجمون المعنيين اللذين نص عليهما المفسرون - واللذين تحتملهما الآية صوتياً - بل قاموا بترجمة الآية بمعنى واحد، هو التعجب، إذ ترجمها الشيخ بوبكر حمزة بـ:
Périsse l’homme! Comme il est ingrat! (٣)
وترجمها الأستاذ مازيغ بـ
Périsse l’homme. Quel ingrat! (٤)
وكذلك فعل محمد حميد الله(٥)، وماسون(٦). وهو ما أخذت به ترجمة خان والهلالي، إذ جاء فيها:
Be cursed (the disbelieving) man! How ungrateful he is!(٧)

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩/٢١٨.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٤/٤٧٢.
(٣) Le Coran، Cheikh رضي الله عنoubakeur Hamza. P ٢/٦٠٥.
(٤) Le Coran، Sadok Mazigh. P ١١٢٥.
(٥) Le Saint-Coran. P ٥٨٥.
(٦) ﷺ ssai d’interprétation du Coran Inimitable، p ٧٩٣.
(٧) Interpretation of the Meanings of the Noble Qur’ân، p. ٩٣٢.


الصفحة التالية
Icon