ويقول الدكتور محمد زغلول: ولذا فقد اتفق العلماء على حجة الاعتماد على التفسير بالمأثور والأخذ به، إذا كان هذا المأثور الذي يفسر به القرآن قرآنا، أو سنة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قول الصحابة والتابعين فمن العلماء من قال بالاعتماد على أقوالهم في تفسير القرآن، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء المفسرين، وهو الأقرب إلى الصواب كما أرى (١)، ثم نقل قول ابن كثير :(إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال).
أقول: ذكر التابعين مع الصحابة في اعتماد التفسير فيه نظر، حيث إن الراجح أن أقوال التابعين ليست حجة في التفسير ـ إلا إذا أجمعوا ـ (٢)، ولذا نرى أن الحافظ ابن كثير اقتصر على ذكر الصحابة رضي الله تعالى عنهم (٣).
وكل ما تقدم من بيان الأهمية ووجوب القبول، والتحذير من الرد والإهمال والإغفال إنما هو لما صح سنده بنقل الثقات العدول، أما ما كان بخلاف ذلك ـ فيجب رده ولا يجوز قبوله ولا الاشتغال به، اللهم إلا لتمحيصه والتنبيه على ضلاله وخطئه حتى لا يغتر به أحد (٤)، وإلى هذا يشير ما روي عن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى أنه قال: (لا يجوز أن يكون الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لم يصح، وحتى لا يحتج بكل شيء، وحتى يعلم مخارج العلم) (٥).
(٢) قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في مقدمة في أصول التفسير ص ٤٥-٤٦: أقوال التابعين ليست حجة في الفروع، فكيف تكون حجة في التفسير؟
(٣) انظر مقدمة تفسير ابن كثير ١/٧، وتمام كلامه: (التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح)..
(٤) انظر مناهل العرفان ٢/٢٢، وقد عد النوع الأول من أقوى العوامل المساعدة على الاهتداء بالقرآن.
(٥) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء برقم ١٢٨٣٩.