وهكذا نرى أن اللفظ يتسع لكل أنواع العلاج التي توصل إليها الأطباء، ويتسع أيضا لما عسى أن يتوصلوا إليه في مستقبل الأيام، علما بأن اللفظ قد ورد مطلقا أيضا في الحديث كما في القرآن، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن) (١)، ولا غرابة في ذلك إذ هما يخرجان من مشكاة واحدة، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾/٣و٤.
وهذا بخلاف ما إذا كان اللفظ لا يتسع له، ومن أمثلة ذلك:
قول بعضهم في قوله تعالى: ﴿ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾الأنعام/٨٢:
وقد أراد المفسرون أن يجعلوا معنى الظلم في مثل هذه الآيات الشرك، وهو تعيين لا أرى ما يسوغه، وفي قوله تعالى :﴿ ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ﴾ قالوا : هو الشرك، ولا أستطيع أن أفهمه على هذا الوجه فإن المؤمن لا يكون مشركاً!! إنما لبس إيمانه بذنوب كالتي تدل عليها عبارة ظلم النفس، فيكون المعنى: ولم يلبسوا إبمانهم بذنوب يظلمون بها أنفسهم (٢).

(١) أخرجه ابن ماجه برقم ٣٤٥٢ في كتاب الطب باب العسل، وفي الزوائد: إسناده صحيح رجاله ثقات، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم ٢٥٨١، والحاكم في كتاب الطب ٤/٤٠٣ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
(٢) انظر مجلة اللغة العربية ١٣/٨١.


الصفحة التالية
Icon