وهذا فهم غير سديد، أدى إليه عدم الرجوع إلى التفسير المأثور، ولو رجع إليه لرأى أن النبي ﷺ قد فسره بذلك، فقد جاء في الصحيحين (١) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ وقالوا : أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله ﷺ : ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: ﴿ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لقمان/١٣
فقد بين ﷺ للصحابة رضي الله عنهم أن ظاهر الآية غير مراد، وأن الظلم ليس على إطلاقه وعمومه، بل هو من العام الذي أريد به الخاص، فالمراد بالظلم أعلى أنواعه وهو الشرك كما قال لقمان لابنه، فالصحابة رضي الله عنهم حملوا الظلم على عمومه المتبادر منه وهو وضع الشيء في غير موضعه وهو مخالفة الشرع، فشق عليهم إلى أن أعلمهم النبي ﷺ بالمراد بهذا الظلم (٢).

(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم ٣٢ في كتاب الإيمان باب: ظلم دون ظلم ١/١٨٣، ومسلم برقم ١٢٤ ي كتاب الإيمان باب: صدق الإيمان وإخلاصه ١/١١٤-١١٥.
(٢) انظر النووي على مسلم ٢/١٤٣، فتح الباري ١/١٨٤.


الصفحة التالية
Icon