فلو تأمل ما ورد من المأثور في هذا المجال لاحترم عقله ووقف عنده، وما سمح لقلمه أن يخط مثل هذا الهراء (١)، المؤدي إلى الهدم والإلغاء.
فائدة: في الفرق بين الجديد والتجديد.
يستحسن هنا أن نشير إلى الفرق بين الجديد المختلق، وبين التجديد لما سبق، لما لذلك من أهمية وارتباط بموضوع البحث، وذلك باختصار على النحو الآتي:
بالرجوع إلى قواميس اللغة نجد أنهم قالوا: جد يجدّ فهو جديد، وجدده واستجده: صيره جديدا، فتجدد، والجديد: ضد البلى (٢).
والتجديد في أصل معناه اللغوي ـ كما يقول الشيخ بسطامي ـ يبعث في الذهن تصورا تجتمع فيه ثلاث معان متصلة (٣)، لا يمكن فصل أحدها عن الآخر، ويستلزم كل واحد منها المعنى الآخر، وهذه المعاني كالتالي:
١. أن الشيء المجدد قد كان في أول الأمر موجودا وقائما، وللناس به عهد.
٢. أن هذا الشيء أتت عليه الأيام فأصبح قديما.
٣. أن ذلك الشيء قد أعيد إلى مثل الحالة التي كان عليها قبل أن يبلى ويخلق.
وبالرجوع إلى الكتاب الكريم لم نجد فيه لفظ التجديد، إنما وجدنا لفظ ﴿جديد﴾، وذلك في ثلاث آيات وهي قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾ الإسراء/٤٩، وقوله تعالى: ﴿ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ق/١٥ وقوله تعالى:
﴿ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾السجدة/١٠.
والمراد بالجديد في الآيات الكريمات، هو البعث والإعادة، وهو ما كان يستبعده المشركون ويتعجبون منه.
(٢) انظر القاموس المحيط ١/٥٥١، المعجم الوسيط ١/١٠٩.
(٣) انظر مفهوم تجديد الدين للأستاذ بسطامي محمد سعيد ص ١٥.