ولدى التأمل في المعنى اللغوي، نستطيع أن نقول: إن إطلاق لفظ التجديد على الدين إطلاق سليم، ويمكن أن نعد قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) (١) أصلا لهذا الفهم السليم، ومثله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (جددوا إيمانكم قيل: يا رسول الله، كيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله) (٢).
وهذا الفهم هو الذي عناه أبو سهل الصعلوكي (٣) رحمه الله تعالى بقوله: أعاد الله هذا الدين بعد ما ذهب يعني أكثره بأحمد بن حنبل وأبي الحسن الأشعري وأبي نعيم الاستراباذي (٤).

(١) أخرجه أبو داود برقم ٤٢٩١ في كتاب الملاحم باب ما يذكر في قرن المائة ٤/١٠٩، وقد استوفينا تخريجه في تحقيق رسالة "قراءة البسملة أول براءة " لملا علي القاري، المنشورة في مجلة الدراسات الإسلامية بإسلام آباد العدد الرابع المجلد الثامن والعشرون سنة ١٤١٤هـ/١٩٩٣م.
(٢) أخرجه الإمام أحمد برقم ٨٧١٠، والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: فيه صدقة ضعفوه ٤/٢٥٦، وأبو نعيم في الحلية ٢/٣٥٧ وغيرهم. وقال العزيزي في السراج المنير ٣/٧٦: وإسناد أحمد صحيح، وكذا قال المناوي في التيسير ١/٤٨٥، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف ١٤/٣٢٨.
(٣) هو الإمام محمد بن سليمان، قال الذهبي: الفقيه الشافعي الأديب اللغوي، المتكلم المفسر النحوي الشاعر المفتي الصوفي، حبر زمانه، بقية أقرانه، هذا قول الحاكم فيه، وقال الصاحب بن عباد: ما رأينا مثله ولا رأى مثل نفسه، توفي سنة ٣٦٩هـ رحمه الله تعالى. انظر تاريخ الإسلام ـ حوادث وفيات (٣٥١-٣٨٠) ص٤٢٣، الأعلام ٦/١٤٩.
(٤) انظر تبين كذب المفتري لابن عساكر ص ٥٣، وفيه: بعد الصعلوكي: أم الشيخ الإمام أبا بكر الاسماعيلي.


الصفحة التالية
Icon