وقد سار في ضوئه علماء التفسير عبر القرون، ومن هنا تعددت مناهج المفسرين، وكثرت الإضافات التفسيرية السديدة، بما شغل حيزا واسعا في مكتبة التفسير في العالم الإسلامي.
غير أن هذا الفهم السليم لم يكن هو المقصود عند دعاة التجديد لاسيما في عصرنا الحديث، وإنما يعنون به:
إعمال الفكر في فهم القرآن فهما جديدا، دون الرجوع إلى شئ من أفهام السابقين، من رجال المأثور والمعقول، أوالتقيد بقواعد لغة القرآن، أو بشئ من الضوابط التي وضعها علماء أصول الفقه وعلوم القرآن (١).
وهو مسلك غير حميد، أدى إلى تلاعب عجيب بالألفاظ، وجنوح عن المنهج السليم أفرز كما هائلا من الانحرافات الخطيرة في التفسير، الأمر الذي حدا برجال العلم والفكر في العالم الإسلامي للتصدي لذلك الضلال ورده ودحضه.
وقد أخذ هذا الفهم الجديد مسمى جديدا، في السنوات الأخيرة يقال له: "الهرمنوطيقيا" (٢)، وهي القراءة الجديدة للقرآن الكريم.
وخلاصة القول إن ثمة فرقا بين الجديد والتجديد، وان ما يسمى هذه الأيام بالتجديد الرافض للمأثور، المتحلل من القيود والضوابط، يعدّ معول هدم في الإسلام، يؤدي إلى ظهور إسلام جديد، غير ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وغير ما عرفه المسلمون عبر القرون، فلا يصح لذي علم أن يسكت عليه، بل يجب رفضه ورده بحزم وقوة.
الخاتمة
(٢) الهرمنوطيقيا تعني القراءة الجديدة للقرآن والنصوص الدينية، بمعنى إطلاق الحرية لقارئ النص في تفسيره دون الاحتكام إلى اللغة التي جاء بها، والسنة الشارحة للقرآن، وما أطبق عليه علماء التفسير في شتى العصور. انظر بحث الشيخ حسن الجواهري ص٣، المقدم إلى المجمع الفقهي في دورته السادسة عشرة.