القاعدة الخامسة: المقرر أن المفرد المضاف يفيد العموم كما يفيد ذلك اسم الجمع
فكما أن قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] إلى آخرها يشمل كل أم انتسبت إليها، وإن علت. وكل بنت انتسبت إليك وإن نزلت ـ إلى آخر المذكورات ـ فكذلك قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١] فإنها تشمل النعم الدينية والدنيوية، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢] فإنها تعم الصلوات كلها، والأنساك كلها، وجميع ما العبد فيه وعليه في حياته ومماته، الجميع من الله فضلاً وإحساناً، وأنك قد أتيت ما أتيت منه وأوقعته وأخلصته لله وحده، لا شريك له.
وقوله: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ [البقرة: ١٢٥] على أحد القولين: إنه يشمل جميع مقاماته في مشاعر الحج: اتخذوه معبداً.
وأصْرَح من هذا قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً﴾ [النحل: ١٢٣]، وهذا شامل لكل ما هو عليه من التوحيد والإخلاص لله تعالى، والقيام بحق العبودية.
وأعم من ذلك وأشمل: قوله تعالى لما ذكر الأنبياء: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠] فأمره الله أن يقتدي بجميع ما عليه المرسلون من الهدى، الذي هو العلوم النافعة والأخلاق الزاكية، والأعمال الصالحة، والهدى المستقيم. وهذه الآية أحد الأدلة على الأصل المعروف: [أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه] وشرع الأنبياء السابقين هو هداهم في أصول الدين وفروعه،