وأختم بالإشارة إلى كلام سيبويه حول ما سماها بـ(الضاد الضعيفة)، وهي أحد الحروف الفرعية غير المستحسنة في قراءة القرآن ولا في الشعر، وهو قوله:(إلا أن الضاد الضعيفة تتكلف من الجانب الأيمن، وإن شئت تكلفتها من الجانب الأيسر، وهو أخف، لأنها من حافة اللسان مطبقة، لأنك جمعت في الضاد تكلف الإطباق مع إزالته عن موضعه، وإنما جاز هذا فيها لأنك تحولها من اليسار إلى الموضع الذي في اليمين وهي أخف، لأنها من حافة اللسان وأنها تخالط مخرج غيرها بعد خروجها، فتستطيل حين تخالط حروف اللسان، فسهل تحويلها إلى الأيسر، لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كانت في الأيمن، ثم تنسلُّ من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان، كما كانت كذلك في الأيمن).[الكتاب ٤/٤٣٢ بتحقيق عبد السلام هارون]. وأنقل لكم بعضاً من كلام العلماء رحمهم الله في الضاد لتعلموا أن الانحراف في نطق هذا الحرف قديم. قال مكي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧هـ) :(ولا بد للقارئ من التحفظ بلفظ الضاد حيث وقعت، فهو أمر يقصر فيه أكثر من رأيت من القراء والأئمة... ومتى فرط في ذلك أتى بلفظ الظاء أو بلفظ الذال فيكون مبدلاً ومغيراً، والضاد أصعب الحروف تكلفاً في المخرج، وأشدها صعوبة على اللافظ، فمتى لم يتكلف القارئ إخراجها على حقها أتى بغير لفظها، وأخل بقراءته). الرعاية ١٥٨-١٥٩ وقال أبو عمرو الداني (٤٤٤هـ) عن نطق الضاد :(ومن آكد ما على القراء أن يخلصوه من حرف الظاء بإخراجه من موضعه، وإيفائه حقه من الاستطالة). التحديد ١٦٤ وقال عبد الوهاب القرطبي (٤٦١هـ) :(وأكثر القراء اليوم على إخراج الضاد من مخرج الظاء، ويجب أن تكون العناية بتحقيقها تامة، لأن إخراجها ظاءً تبديلٌ). الموضح ١١٤وقال ابن وثيق الأندلسي (٦٥٤هـ) عن الضاد :(وقَلَّ مَنْ يُحكمُها من الناس).