أخرج البخاري في فضائل القرآن من صحيحه عن مسروق : ذكر عبد الله بن عمرو، عبد الله بن مسعود فقال : لا أزال أحبه سمعت رسول الله ﷺ يقول ( خذوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبي بن كعب ) فهؤلاء المذكورون اثنان منهم من المهاجرين وهما الأولان : عبد الله بن مسعود الهذلي رضى الله عنه وهو الملقب في الحديث بابن أم عبد وقد ورد فيه من جهة القراءة قول النبي ﷺ :( من أحب أن يقرا القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد ) وذلك أنه تلقى القراءة مشافهة من في رسول الله ﷺ وأتقنها وكان مع ذلك حسن الصوت قوي التأثير بكى رسول الله ﷺ لما سمع منه آيات منها قوله تعالى )فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) (النساء: ٤١) وثبت عنه في الصحيح أنه رضى الله عنه قال :( والله لقد أخذت من في رسول الله ﷺ بضعا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي ﷺ أني أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم ) فابن مسعود رضى الله عنه كان من أقرأ الصحابة وأعلمهم بالقرآن وأحسنهم إتقانا لقراءته وأعلمهم بالعرضة الأخيرة ولعل هذا هو السر في تقديم النبي ﷺ له على باقي الأربعة ولما رأي عبد الله بن عمرو النبي ﷺ قدمه في الذكر أدرك فضله وإمامته في قراءة القرآن التي هي متعلق هذا الخبر فأحبَّه. وأما سالم بن معقل : فهو أبي حذيفة بن عتبة بن عبد شمس وكان سالم من السابقين الأولين وقد روى البخاري أنه كان يؤم المهاجرين بقباء لما قدموا من مكة وفيهم عمر بن الخطاب وسلمة بن عبد الأسد واستدل البخاري بذلك على جواز إمامة العبد.