واثنان من المذكورين من الأنصار وهما معاذ وأُبي : أما معاذ : فهو ابن جبل الخزرجي الأنصاري أبو عبد الرحمن وأما أُبي : فهو ابن كعب النجاري الخزرجي الأنصاري أبو المنذر سيد القراء بعد رسول الله ﷺ. وقد مات ابن مسعود وأُبى في خلافة عثمان ومات معاذ في خلافة عمر واستشهد سالم مع مولاه أبي حذيفة في موقعة اليمامة في خلافة أبي بكر رضى الله عن الجميع. وهذا الحديث يدل على مشروعية تحرِّي الضابطين من أهل القرآن للأخذ عنهم والتلقي منهم فهذا القرآن لا يؤخذ عن كل أحد. ويدل قبل ذلك على أن قراءة القرآن تؤخذ بالتلقي من أفواه المقرئين أتدري من خاطب النبي ﷺ بقوله ( خذوا القرآن من أربعة ) ؟ خاطب الصحابة وهم عرب فصحاء بل هم أفصح الأمة ومع ذلك لم يَكِلْهُم إلى فصاحتهم بل أمرهم بالتلقي وما ذاك إلا لأن قراءة القرآن لها هيئة مخصوصة توقيفية فلم يُبَح للصدر الأول وهم عرب أقحاح أن يقرأ كل منهم حسبما يتيسر على لسانه...... بقى أن نجيب على سؤال يرد هنا عادة وهو لم َ خص النبي ﷺ هؤلاء الأربعة بينما في الصحابة قراء كثيرون غيرهم ؟ برز من جيل الصحابة من القراء غير هؤلاء المذكورين كثيرون مثل زيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري وأبي الدرداء ومن الخلفاء الأربعة قرا الناس على عثمان بن عفنان ثم شغلته الخلافة وعلى علي بن أبي طالب والأسانيد في رواية حفص وغيرها متصلة به. إذن فقوله ( خذوا القرآن من أربعة ) ليس على وجه الحصر إنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر تقديما لهم على غيرهم في ذلك الوقت أي وقت صدور هذا الحديث منه ﷺ وهذا لا يمنع أن يوجد بعدهم من هم مثلهم أو أقرأ منهم.


الصفحة التالية
Icon