وتعدّ دلالات إشارات النصوص في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة هي من الدلالات الالتزامية المنطقية اذ هي متفاوتة في إدراكها وفهمها ظهورا وخفاء – وقد مرّ سابقا – إذ يقول السرخسي((الإشارات من العبارة بمنزلة الكناية والتعريض من التصريح أو بمنزلة المشكل من الواضح)) (١) فمنها ما يكفي للمتكلم أدنى تأمل لإدراك مدلولها، ومنها ما يحتاج إلى جهد أكثر من ذلك، لذلك يتطلب إدراكها وفهمها مزيدا من الفهم لألفاظ الشريعة الإسلامية، ومدلولات الألفاظ العربية. وما جاء في قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ...﴾ (٢) إذ يبين الله سبحانه وتعالى في النص القرآني أن حظ الذكر من النصيب هو حظ الأنثيين، أي أن الذكر له ثلثان وثلث للأنثى وهذا واضح بطريق دلالة العبارة، إذ يشير البقاعي: ((ولما بان سهم الذكر مع الأنثى بعبارة النص، وأشعر ذلك بأنّ لهن إرثاً في الجملة وعند الاجتماع مع الذكر)) (٣)، أمّا ما أشار إليه بطريق دلالة الإشارة، فقد فُهم من إشارة النص أنّ حكم الأنثيين إذ لم يكن معهنّ ذكر هو الثلثان، لأنّ حكم الأنثى مع الذكر هو الثلث إذا كان اثنتين فكل واحدة الثلث، إذ يقول البقاعي: ((وفُهم بحسب إشارة النص ـوهي ما ثبت بنظمه، لكنه غير مقصود، ولا سيق له النص ـ حكم الأنثيين إذا لم يكن معهن ذكر، وهو أن لهما الثلثين، وكان ذلك أيضاً مفهماً، لأنّ الواحدة إذا كان لها مع الأخ الثلث، كان لها ذلك مع الأخت)) (٤)

(١). أصول السرخسي: ١/٢٣٦ وينظر: البحث الدلالي عند السمرقندي في كتابه ميزان الأصول: ٣٧.
(٢). النساء: ١١.
(٣). نظم الدرر: ٥/٢٠٤.
(٤). نظم الدرر: ٥/٢٠٤ـ٢٠٥.


الصفحة التالية
Icon