وجاء في قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾ (١) يشير البقاعي إلى دلالة إشارة النص في النص القرآني ومكمن هذه الدلالة في قوله تعالى: ((الشرذمة)) فالشرذمة: هي طائفة أو قطعة من الناس، وهم أصحاب النبي موسى(ع) (٢)، ويصرّح البقاعي قائلاً: ((إنّ التعبير بالشرذمة إنّما هو للإشارة إلى تفرق القلوب)) (٣) فالبقاعي يشير إلى أنّ الشرذمة يدلّ بدلالة الإشارة إلى تفوق القلوب، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فيه إشارة إلى أنّهم مع ضعفهم بقلة العدد آيسون من إسعاف بمدد وليس لهم أهبة لقتال لعدم العدة؛ لأنّم لم يكونوا قط في عداد من يقاتل (٤) فكان التعبير بلفظة ((الشرذمة)) إشارة إلى أنّهم مع قلة العدد ليسوا على قلب واحد.
وجاء في قوله تعالى في سورة يونس: ﴿... فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (٥) ويصرّح البقاعي قائلاً: ((وفي هذا الوصف ـ مع ما فيه من الترهيب ـ إشارة إلى الدلالة على الإبداع والإعادة)) (٦) فالنص القرآني فيه إشارة إلى قدرة الله جلّ وعلا على الإبداء بالخلق والإعادة فسبحان الذي أوجدنا من عدم كما أنتم به مقرون، فثبت قطعاً أنّه قادر على إعادتنا بعد هذا الإعدام، فاحذروه لتعبدوه كما أعبده فإنّه قد أمرني بذلك. (٧)
ج: دلالة الاقتضاء :
(٢). المعجم المفصل في تفسير غريب القرآن: ٢٦٣.
(٣). نظم الدرر: ١٤/٣٨.
(٤). نظم الدرر: ١٤/٣٩.
(٥). يونس: ١٠٤.
(٦). نظم الدرر: ٩/٢١٦.
(٧). للمزيد من دلالة الإشارة ينظر نظم الدرر: ٥/٦٥، ٧/٣٦٠ـ٤٣٧، ٨/١٣٣، ٩/١٦٤، ١٣/٢٩٦ـ٣٠٩، ١٣/١٨، ١٦/٣٨٣، ١٨/٣٥٨، ١٩/٦٥.