نستطيع أن نقول أن القرآن كله محكم، ان أردنا باحكامه جمال نظمه فلا يتطرق إليه الضعف في ألفاظه ومعانيه، وذلك لقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُه﴾ (١) كما يمكن القول ان القرآن كله متشابه، إن أردنا بتشابهه تماثل آياته في البلاغة والاعجاز وصعوبة المفاضلة بين أجزائه وذلك لقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ...﴾ (٢) وانما الذي يشير إليه هو قوله تعالى:﴿... هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ...﴾ (٣) (٤)
من الواضح في النص القرآني ان المحكم يقابل المتشابه، وقد حمل هذا التقابل كثير من علماء الاصول، لبيان مصطلح كل من المحكم والمتشابه، فكثرت آراؤهم في هذا الموضوع، وتعددت وجهات نظرهم، فالمحكم: ((هو اللفظ الذي دلّ بصيغته على معناه الظاهر المقصود أصالة، وكأنّه سيق له من غير ان يحتمل التأويل ولا النسخ في حياة الرسول((صلى الله عليه وآله وسلم))، ولا بعد وفاته (٥) أمّا المتشابه فـ((هو اللفظ الذي خفيت دلالته على المعنى المراد منه، وتعذرت معرفته وادراكه لأن الشارع استأثر بعلمه، ولم توجد قرينة تدل على المعنى)) (٦)

(١). هود: ١.
(٢). الزمر: ٢٣.
(٣). آل عمران: ٧.
(٤). ينظر: مباحث في علوم القرآن: ٢٨١.
(٥). أصول الفقه((بدران)): ١٦٨ وينظر: أسباب اختلاف الفقهاء: ١٩٩ وأصول الفقه الإسلامي: ٤٤٧.
(٦). أصول الفقه بدران: ١٧٨ وينظر أسباب اختلاف الفقهاء: ٢٢٣ وأصول الفقه الإسلامي ٢٨٢.


الصفحة التالية
Icon