ووضوح الدلالة في المحكم يغنينا عن البحث عن المعنى، لأن المحكم مستحق العبد في حق الرب في فطرته التي فطر عليها كان ثابتا في كل ملّة وفي كل شرعة، ولكن خفاء المشابه جدير بأن ينقلنا بعض الشيء نعرفه، لأن اتباع المتشابه زيغ، لقصور العقل في تقبله ووجوب الاقتصار على الإيمان به من غير موازنة بين ما خاطب الله به عباده، والتعرف بين ما جعله للاعتبار، فالمحكم للاجتماع والهدى والمتشابه للاقتران والضلال (١).
ب- المفسر والمجمل
المفسر هو اللفظ الذي يتبادر معناه الحكم الظاهر الذي دلّ عليه وهو المقصود الأصلي من سوق الكلام مع عدم احتماله التأويل والتخصيص، وإن كان يحتمل النسخ في حياة الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) فهو في الوضوح أقوى من الظاهر والنص (٢) وقد اختلف بعض العلماء في تسميته، فمنهم من أطلق عليه((المفسر))وبعضهم أطلق عليه((المبين)) ومنهم البقاعي.
ويكون للمفسر موردان هما
١- هو المستفاد من الصيغة نفسها (٣)
٢-وقد يكون المفسر مجملا وجاء نص آخر يبينه وأزال إجماله حتى صار اللفظ المجمل مفسرا لا يحتمل التأويل (٤)
أمّا المجمل فـ(( هو اللفظ الذي خفيت دلالته على معناه المراد منه بنفس اللفظ خفاء لا يدرك إلاّ ببيان ممن صدر منه الكلام)) (٥)
أمّا ما جاء عند البقاعي في هذا الموضوع، فقد أطلق البقاعي ((المبيّن)) محل المفسّر، ولم أجد أي تعريف لدى البقاعي عن هذين المصطلحين الدلاليين، إذ نستنتج التعريف من خلال أمثلة البقاعي إذ المبيّن هو الواضح الذي لا يحتاج إلى ما يبيّنه، أمّا المجمل فهو النص الذي خفي معناه ولا يتعين إلاّ بنص آخر من الشارع.
(٢). ينظر: أسباب اختلاف الفقهاء: ١٩٨ وأصول الفقه (بدران): ١٦٦.
(٣). ينظر: أسباب اختلاف الفقهاء: ١٩٨ وأصول الفقه (بدران): ١٦٦.
(٤). ينظر: أصول الفقه(بدران): ١٦٧ وأصول الفقه الإسلامي: ٤٤٦.
(٥) أصول الفقه(بدران): ١٧٦