وهذه الأمثلة التي تقدمت قد أشار البقاعي فيها إلى كلمة ((أصله في اللغة)) أو ((معناه في اللغة)) (١). ولكن قد وردت أمثلة لم يشر إلى أصله أو حقيقته، انما يظهر المعنى فقط أو استخدامه المأثور الشعري في تفسيره للوصول للمعنى.
ومن الأمثلة التي أشار البقاعي إلى معناها فقط كلمة ((الأعراف)) في قوله تعالى: ﴿... وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ...﴾ (٢) يقول البقاعي عن((الأعراف)) انها:((جمع عرف وهو كل عال مرتفع، لأنه يكون أعرف مما انخفض، وهي المشرفات من ذلك الحجاب)) (٣) وأشار ابن منظور إلى أن: العرف وعرف الأرض ما ارتفع منها، والجمع أعراف، واعراف الرياح والسحاب أوائلها، ونقل ابن منظور عن الزجاج، الأعراف أعالي السور، وقال بعض المفسرين: والأعراف أعالي السور بين أهل الجنة وأهل النار (٤) فان أصل الأعراف هو جمع عرف، وهو من الارتفاع وكل عال واضح للناظر. قال السيوطي(( سور بين الجنة والنار، وسمّي بذلك لارتفاعه. ومنه سمي عرف الديك، ويستعمل في الشرف والمجد وأصله في البناء)) (٥)
ومن الكلمات التي أفصح عنها البقاعي مستخدما المأثور الشعري، للدلالة على المعنى اللغوي للفظة ((بيض)) في قوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ﴾ (٦) ويصرح البقاعي إلى هذا المعنى قائلا:(( بيض نعام مصون من دنس يلحقه، وغبار يرهقه، ولمحبة العرب لهذا النوع كانت تقول عن النساء بيضات الخدور، لأن لونه أبيض مشربا صفرة صافية)) (٧) وقد صرح امرؤ القيس بهذا في لاميته المشهورة (٨)

(١). للمزيد ينظر: نظم الدرر: ٢/١٤٥، ٥/١٧٧-٢٨٥، ٦/٣٤٧، ٨/٢١٧، ٩/٨٣-٣٦٣، ١٤/٣٥٩، ١٦/٩٦، ١٨/٧٠-١٢٥-١٣٣-٤٥١، ١٩/٣٨٦، ٢٢/٥٨-٥٩
(٢). الأعراف: ٤٦
(٣). نظم الدرر: ٧/٤٠٦
(٤). لسان العرب مادة عرف: ١١/١٤٦-١٤٧
(٥). معترك الأقران: ٢/١٤
(٦). الصافات: ٤٩
(٧). نظم الدرر: ١٦/٢٣٢
(٨). نظم الدرر: ١٦/٢٣٢


الصفحة التالية
Icon