كبكر مقاناة البياض بصفرة * * * غذاها نمير الماء غير المحلل
أي خالطه البياض المائل إلى الحمرة بصفرة وهو أصفى الألوان واعدلها يشابه لونه نور القمر. وقالت العرب: فلان ابيض وفلانة بيضاء، فالمعنى: نقاء العرض. وهذا الكلام كثير عند العرب يريدون المدح بالكرم، ونقاء العرض من العيوب (١). فالمعنى في قوله تعالى هي عذارى مصونات من العيب كالبيض النقي من الكسر والغبار (٢) فقد شبّه الجواري بالبيض بياضا وملامسة وصفاء لون، وهي أحسن منه، وانما وقع التشبيه بلون قشره الداخلي، وهو المكنون، أي المصون تحت القشر الأول (٣)
ومن ذلك ما جاء في تفسير كلمة((هواء)) دلالة المعنى عليها في قوله تعالى: ﴿... لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء﴾ (٤) إذ يقول البقاعي: هواء(( عدم فارغة لا شيء فيها من الجرأة والأنفة التي يظهرونها الأن)) (٥) كما قال الشاعر حسّان بن ثابت (٦)
إلاّ أبلغ أبا سفيان عني *** فأنت مجون نخب هواء
والمعنى: انه خال ليس فيه شيء من الخير، ولا يعقل شيئا وذلك ان العرب تسمي كل أجوف خاو-هواء. فالهواء الخلاء الذي لم تشغله الجرام، فالمقصود من النص، ان في ذلك اليوم لا يبقى معهم فيه شيء مما فيه من الإباء والاستكبار. والهواء. ما بين السماء والأرض، وقيل جوّف لا عقول لها، أي ان قلوبهم خلت من العقول أو متخرقة لا تعي شيئا (٧)

(١). ينظر: لسان العرب مادة – بيض-: ٨/٣٩٠
(٢). ينظر: التفسير الفريد: ٤/٢٦١٢
(٣). ينظر: معترك الأقران: ٢/٨٦-٨٧
(٤). ابراهيم: ٤٣
(٥) نظم الدرر: ١٠/٤٣٤
(٦) ينظر: نظم الدرر : ١٠/٤٣٤.
(٧) ينظر: المعجم المفصل تفسير غريب القرآن الكريم: ٥٠١.


الصفحة التالية
Icon