وأشار البقاعي إلى المعنى اللغوي لكلمة((الوسط)) من قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا...﴾ (١) فالوسط ((العدل الذي نسبة الجوانب كلها إليه سواء، فهو خيار الشيء، وسالك الوسط من الطريق محفوظ من الغلط، ومتى زاغ عن الوسط حصل الجور الموقع في الضلال عن القصد)) (٢) ومنه قول أبو تمّام الطائي (٣) :
كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت * * * بهاالحوادث حتىأصبحت طرفا
الوسط بالتحريك اسم لعين ما بين طرفي الشيء كمركز الدائرة، وبالسكون اسم مبهم لداخل الدائرة مثلا، فان مادة وسط بكل تقاليبها مهموزة وغير مهموزة تدور على العدل السواء الذي تنسبه إلى كل جانب على التساوي، فالوسط هو منتصف الطريق (٤).
وقد ذهب البقاعي في بيان دلالة كثير من الكلمات سواء أكانت لها علاقة أم لم تكن لها علاقة، وقد تذكر هذه اللفظة من خلال تفسيره لآية قرآنية، وقد وردت هذه الكلمات كثيرة في تفسيره ومن هذه الألفاظ كلمة ((الرهق)) وجاء في بيان دلالتها، إذ يقول: ((والرهق: لحاق الأمر، ومنه راهق الغلام- إذا لحق حال الرجال.)) (٥) وجاء في لسان العرب: ((الرهق: جهل في الإنسان وخفّة في عقله، تقول به رهق، ورجل مرهوق موصوف بذلك ولا فعل له، ورجل رهق، أي فيه خفّة وحدّة، وراهق الغلام فهو مراهق إذا قارب الاحتلام)) (٦) ورهقه الأمر غشيه بقهر، ويقال: رهقته: ردفته وبعثته.
(٢) نظم الدرر: ٢/٢٠٦-٢٠٧
(٣) ديوان أبي نمام: ١٥٣ وينظر نظم الدرر: ٢/٢٠٦
(٤) ينظر: نظم الدرر: ٢/٢٠٧
(٥) نظم الدرر: ٩/١٠٦
(٦) لسان العرب مادة – رهق-: ١١/٤٢٢