وقد لاحظ المفسرون وعلماء اللغة ورود كلمات في القرآن الكريم تحمل معاني غير المعاني التي وردت في استعمالهم اللغوي، وأرادوا أن يميّزوا بين المعنى اللغوي والمعنى الإسلامي الشرعي، وأختلف الأصوليون في وقوع الحقيقة الشرعية، فمنعه القاضي أبو بكر وأشار إلى أن الشارع لم يستعمل الألفاظ إلاّ في الحقائق اللغوية، فالمراد الصلاة المأمور بها في النصوص هو الدعاء، ولكن أقام الشارع الكريم أدلّة أخرى على أن الدعاء لا يقبل إلاّ بشرائط مضمونة إليه (١)
أمّا ما ذهب إليه المعتزلة من إثبات الحقائق الشرعية، فقال: أبو الحسين البصرية: ((جاءت الشريعة بعبارات لم تكن معروفة في اللغة... ولا فرق بين أن يصنع لتلك العبارات اسماً مبتدأ وبين أن ينقل إليها من أسماء اللغة مستعملاً في معنى له شبه بالمعنى الشرعي)) (٢).
ذهب جمهور الأصوليين إلى إثبات الحقائق الشرعية؛ لأنّ الحقيقة الشرعية لم تسعمل في المعنى اللغوي ولم يقطع النظر عن حالة الاستعمال، بل استعملها الشارع الكريم في هذه المعاني لما بينها وبين المعاني اللغوية من العلاقة، فالألفاظ المستعملة في مصطلحات الشرع هي في الأصل مجازات لغوية اشتهرت فصارت حقائق شرعية (٣)

(١) ينظر: المزهر: ١/٢٩٨ واصول الأحكام وطرق الاستنباط في التشريع الإسلامي: ٣١٦
(٢). المعتمد: ١/٢٤، وينظر: أصول الأحكام: ٣١٦
(٣). ينظر: المزهر: ١/٢٩٨، وأصول الحكام: ٣١٦، والبحث الدلالي عند الشوكاني: ٥١.


الصفحة التالية
Icon