إنّ المعاني قائمة لا سبيل لنا إلى معرفتها إلاّ بالتعبير عنها وما مطالعتنا لها إلاّ لتحديد وتشذيب يتغاطى فيه عن قدر ما منها إذ إنّ هناك كثيراً لا يستطيع المتلفظ أن يضمنها عباراته ويختلف هذا المدى تبعاً لعوامل شتّى يحكمها ما ينسب للمجتمع والبيئة وغيرها. (١) فالمجاز لغة: ((المجاز مَفْعَل من جازَ الشيء يحوزه: إذا تعداه، وإذا عدل بالفظ عمّا يوجبه اصل اللغة وصف بأنّه مجاز على معنى إنّهم جازوا به موضعه الأصلي، أو جاز مكانه الذي وضع فيه أولاً)) (٢).
إمّا المجاز اصطلاحاً: ((الكلمة المستعملة في ما وضعت له في اصطلاح التخاطب على وجه يصح مع قرينة عدم إرادته)) (٣).
وقد سمّي المجاز مجازاً لجهة التناسب؛ لأنّ المجاز ((مَفْعلَ)) من جاز المكان، إذا تعدّاه والكلمة إذا استعملت في غير ما هي موضوعة له وهو ما تدلّ عليه بنفسها، فقد تعدّت موضوعها الأصلي في اللغة وهذا الانتقال من مكان إلى آخر أو من معنى إلى معنى آخر أطلق عليه المجاز (٤).
(٢). نهاية الإيجاز في دراية الاعجاز: ٨١ وينظر: اسرار البلاغة: ٣٤٢ والمزهر: ٣٢٥ وعلوم البلاغة البيان والمعاني والبديع: ٢٤٨.
(٣). التلخيص في علوم البلاغة: ٢٩٤ وينظر المثل السائر: ١/٦٣.
(٤). ينظر: مفتاح العلوم: ٣٦٠-٣٦١.