ولمّا ارتبطت الفكرة المجازية بمسائل حساسة وهي المسائل الاعتقادية كان من الطبيعي أن يظهر الخلاف بين علماء المسلمين والعربية وخاصة لما ترتب على القول به وعدم القول، ولا سيما نتيجة لاختلاف وجهات النظر والأفكار، وقع الخلاف في إثبات المجاز في اللغة وإنكاره، فتعددت مواقف العلماء إزاء هذه القضية وراح كل منهم ينظر إليها من وجهة خاصة به، فانقسم العلماء إزاء هذا الاتجاه إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول مثّله أبو علي الفارسي (ت٣٩٥هـ) وأبو إسحاق الاسفراييني (ت٤١٥هـ) وآخرون، إذ يرى أن اللغة خالية من المجاز، وذريعتهم في ذلك، أنّ اللفظ إن كان مجاز فهو أن يكون متمثلاً بقرينة وعليه فهو حقيقة في المعنى، وأمّا من دون قرينة وهنا يكون حقيقة أيضاً (١).
أمّا القسم الثاني فيمثله ابن جني الذي يرى أن اللغة مجاز في أكثرها إذ قال: ((اعلم أنّ أكثر اللغة مع تأمله مجاز لا حقيقة)) (٢).
أمّا القسم الثالث: فيرى إنّ اللغة مشتملة على الحقيقة والمجاز ومثّله ابن الأثير (ت٦٣٧هـ) إذ قال: ((محل النزاع هو أنّ اللغة حقيقة أو أنّها كلها مجاز، فإنّ كلا الطرفين عندي سواء، لأنّ منكرهما غير مسلم لهما، وأنا بصدد أن ابين أنّ في اللغة حقيقة ومجاز)) (٣).
(٢). الخصائص: ٢/٤٤٩ وما بعدها.
(٣). المثل السائر: ١/٥٩.