وقد أثبت أكثر الأصوليين ظاهرة الحقيقة والمجاز في القرآن الكريم لأنّ: ((كل واحد من النوعين موجود في كلام الله تعالى وكلام النبي(ص) وكلام الناس في الخطب والأشعار وغير ذلك، حتى كاد المجاز يغلب الحقيقة لكثرة الاستعمال، وبه اتسع اللسان وحسّن مخاطبات الناس بينهم)) (١) لأنّ استخدام القرآن الكريم الأساليب البلاغية المتنوعة هو إعجازه الذي تحدّى الإنس والجن في نظمه؛ لأنّ صرف الكلمة عن معناها الاعتيادي يجعل الاسلوب آنق وآدب (٢)، لأنّ المجاز عند العرب دليل الفصاحة ورأس البلاغة وبه بانت لغتها. (٣).
أمّا الذين أثبتوا المجاز سواء أكان في القرآن أم في اللغة، فقد نظروا نظرة عميقة للمجاز، وقد تبين لهم أن المجاز ينقسم إلى قسمين من حيث وجود العلاقة وانعدامها. (٤).
أ: المجاز اللغوي.
ب: المجاز العقلي.
أمّا المجاز اللغوي فينقسم إلى قسمين هما:
١- المجاز المرسل.
٢- الاستعارة.
أمّا البقاعي فقد كان ممّن أثبت وقوعه في اللغة والقرآن الكريم بأنواعه المختلفة، فكانت تقسيمات المجاز لديه على نهج سابقيه، ولكني لم أجده يصرح بهذه التقسيمات بشكل صريح إنّما قدّم لنا أمثلة فقط. بيد أنّي أحبّ الإشارة إلى أنّ الدكتور عقيد العزاوي قد أفاض القول في موضوع المجاز عند البقاعي في أطروحته الموسومة: ((الأساليب البلاغية في تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي)). في تقسيمات المجاز سواء أكان لغوياً أم عقلياً ممّا جعلني أتناوله بشكل موجز.
المجاز العقلي :
المجاز العقلي أو الإسنادي هو: ((الكلام المفاد به خلاف ما عند المتكلم من الحكم فيه لضرب من التأويل أفادة للخلاف لا بوساطة وضع)) (٥).
(٢). ينظر: بلاغة أرسطو: ١/١٧١.
(٣). العمدة: ١/٢٦٥.
(٤). مجاز القرآن خصائصه الفنية وبلاغة العربية: ١٣٥.
(٥). مفتاح العلوم: ١٨٥.