فكل لفظ استعمل في غير المعنى الموضوع له لمناسبة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المستعمل فيه مع قرينة تصرف عن إرادة المعنى الأصلي استعارة (١). وقد عرض لها البقاعي بأمثلة منها ما جاء في قوله تعالى: ﴿... هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (٢) ويصرح البقاعي قائلاً: ((ولمّا كان الاتجار إجهاد النفس في تحصيل الربح النافع، وكان الإيمان والجهاد وأعظم النفس في تحصيل الجنّة الباقية التي لا ربح يوازيها فاستعار لهما اسمها) (٣).
أي: أنعموا تنبيهاً على ما هو الأليق بهم، فاستأنف لهم بيان التجارة بأنّه الجمع بين الإيمان الذي هو أساس الأعمال كلها، والجهاد بنوعيه المكمل للغير، فالبقاعي بيّن استعارة اسم التجارة ليطلق على الإيمان والجهاد، بما كانت التجارة تحصيل للربح فإنّ الإيمان والجهاد وتحصيل للربح أيضاً وهو الجنّة التي لا ربح يوازيها، فالحاصل أنّ التجارة التصرف في رأس المال طلباً للربح، فقد أخذ الإيمان والجهاد في الآية تجارة، رأس مالها النفس وربحها النجاة من عذاب اليم، وهذه التجارة جليلة القدر، عظيمة الشأن، وجعل الربح الحاصل منها النجاة من عذاب اليم. (٤)
وأودّ أن أشير إلى أنّي لن أتعرض لهذهين الفنّين البلاغيين ((المجاز العقلي والاستعارة بشكل مستفيض، لأنّ عقيد العزاوي قد أطنب القول في هذا الأمر. (٥)
المجاز المرسل
(٢). الصفّ: ١٠.
(٣). نظم الدرر: ٢٠/٣٤.
(٤). ينظر: الميزان: ١٩/٢٢٩.
(٥). ينظر للمزيد الأساليب البلاغية في نظم الدرر: ٢٠٦ وما بعدها.