أورد البقاعي اشتقاق لفظة ((الشيّطان)) عند تعليقه على قوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾ (١) وما أورده بشأن لفظة ((الشيّطان)) قوله:((هو مما أخذ من أصلين: من الشطن وهو البعد الذي منه سمّي الحبل الطويل، ومن الشيط الذي هو الإسراع في الاحتراق والسمن، فهو من المعنيين مشتق )) (٢) وقد أجمع العلماء المسلمون وغير المسلمين من المستشرقين أن كلمة الشيّطان من اشتقاق عربي، وإنما اختلفوا في أصل اشتقاقه، فذهب قوم ومنهم الأزهري إلى اشتقاق هذه اللفظة بقوله: (( قال الليث: الشيّطان فيّعال من شطن، أي بعد، وقال: يقال: شيّطن الرجل وتشيّطن، إذا صار كالشيّطان وفعل فعله )) (٣) أما ابن منظور فيقول: ((الشيّطان: فيّعال، من شطن إذا بعد فجعل النون أصلا)) (٤) والشطن مصدر شطنه يشطنه شطنا، خالفه عن وجهته ونيته، والشاطن: الخبيث، ولعل الشيّطان وصف بهذا الوصف، لأنه يبعد الإنسان عن نيته بخبثه ووسوسته (٥) وذهب الأصفهاني إلى أنه من شطن، إذ قال ((الشيّطان: النون فيه أصلية وهو من شطن أي تباعد)) (٦)
وذهب قوم آخرون إلى أنه اشتق من شاط يشيط، أي احترق من الغضب (٧) وقد أشار أبو بكر الأنباري إلى الرأيين بقوله ((في الشيّطان قولان: أحدهما أن يكون سمّي شيّطان لتباعده من الخير، أخذ من قول العرب: دار شطون ونوى شطون، أي: بعيدة. ومنها قول الشاعر:
فأضحت بعدما وصلت بدار * * * شطون لاتعاد ولا تعود
والقول الثاني: أن يكون الشيّطان سمّي شيّطانا، لغيّه وهلاكه، أخذ من قول العرب: قد شاط الرجل يشيط، إذا هلك، قال الشاعر:
(٢). نظم الدرر: ١/٢٨٧.
(٣).. تهذيب اللغة: مادة شطن: ١١/٣١١-٣١٢
(٤).. لسان العرب: مادة شطن: ١٣/٢٣٨
(٥).. ينظر: اصلاح المنطق: ٥٧ والتطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن: ٤٧٦
(٦).. المفردات: ٢٦٤
(٧).. ينظر: المفردات: ٢٦٤