ومن أمثلته أيضاً إيراد تقاليب (سقم) وكونها تدل على القسم، عند بين قوله تعالى: ﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ (١) وأشار البقاعي إلى مادة (سقم) بقوله: (( ومادة (سقم) بتقاليبها الخمسة: سقم سمق قسم قمس مقس، تدور على القسم )) (٢).
ومنها ((السقام: المرض، أي لأنه يقسم القوة والفكر، وسقم طاوله المرض، ومنها أيضاً: القسم محركة ـ اليمين بالله، وقد أقسم، أي أزال تقسيم الفكر، والقسامة: الحسن؛ لأنه يوزع فكر الناظر، والقمس: الغوص ـ لأن الغائص قسم الماء بغوصه، والقمس أيضاً: اضطراب الولد في البطن لأنه يقسم الفكر، ويكاد أن يقسم البطن باضطرابه، والقاموس: معظم البحر؛ لأن البحر قسم الأرض؛ ومعظمه أحق بهذا الاسم، والقواميس: الدواهي لتقسيمها القكر، ومنها: مقس الشيء كسره، وهو يمقس الشعر كيف شاء، أي يقوله فيقسمه من باقي الكلام، ومنها سمق سموقاً: علا وطال فصار بطوله يقبل من القسمة ما لا يقبله ما هو دونه)) (٣).
والذي يتبين لي من خلال متابعتي لظاهرة الاشتقاق الكبير عند البقاعي، يشتق من الكلمات ذات الجذور الثلاثية فقط، ولم يتطرق إلى الرباعية وغيرها، هذا من جانب ومن الجانب الآخر، تختلف تقاليب الكلمة الثلاثية عنده، فبعض هذه الكلمات يكون تقاليبها أربعة والبعض الآخر خمسة أو ستة، وفي بعض الكلمات يتطرق البقاعي في اشتقاقها بالرجوع إلى أصلها سواء كانت واوية أم يائية، ومن الأمثلة التي أوردها بشأن هذا، ما جاء في تقاليب لفظه ( راد ) من قوله تعالى ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ ﴾ (٤) ويعلق قائلاً: ((مادة (راد) واوية ويائية بجميع تقاليبها السبعة: رود، ودور، وورد، ودير، وردي، وريد، ودري، تدور على الدورات، وهو الرجوع إلى موضع الابتداء، ويلزم منه القصد، والإتيان والإقبال والإدبار والرفق والمهلة

(١). الصافات: ٨٩.
(٢). نظم الدرر: ١٦/٢٥٤.
(٣). نظم الدرر: ١٦/٢٥٤ـ٢٥٦.
(٤). يوسف: ٢٣.


الصفحة التالية
Icon