ينص البقاعي على دلالة صيغة (مفاعلة) على المبالغة، فيقول: ((والمفاعلة في اصلها للمبالغة، لأن الفعل متى غولب فيه فاعله جاء أبلغ وأحكم منه إذا زاوله وحده)) (١)، فالمعنى: يبالغون في معاملته هذه المعاملة بإبطان غير ما يظهرون مع ما له من الإحاطة بكل شيء، والخداع أصله الخفاء.
٨- فعلان:
وتدلّ هذه الصيغة على الامتلاء بالوصف إلى الحد الأقصى (٢)، وقد أورد البقاعي صيغ (فعلان) دالة على الامتلاء في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (٣) فالمعنى: الفرقان هو ما يفرق بين الحق والباطل، وهذا وصف لكل كتاب سماوي وشريعة إلهية وهو من ((الفرق. فعلان لفظ مبالغة تفهم استغراقاً وامتلاءً وعظماً فيما استعمل فيه)) (٤) وهو إظهار ما ألبسته الحكمة الظاهرة للأعين بالتبيان؛ لفرقان لبسه بما تسمعه الأذن، ففي الآية إشارة إلى بُعدهم عن مقام الشكر والاهتداء لإفراطهم في اللجاجة والعصيان (٥) وكذلك تدلّ صيغة (فعلان) للمبالغة في قوله تعالى: ﴿إلاّ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ (٦) ولما كان في ذلك غاية الهول والتعريف بغباوتهم تنبيهاً على رسوخهم في ذلك الوصف (أتى بصيغة الفعلان المفهم مطلقاً للمبالغة) (٧) أي مبالغاً في الخسارة وأنه لا خسران غيره.
(٢). ينظر : معاني الأبنية: ٩١.
(٣). البقرة: ٥٣.
(٤). نظم الدرر: ١/١٦٩.
(٥). ينظر: مواهب الرحمن: ١/٢٣٨.
(٦). الزمر: ١٥.
(٧). نظم الدرر: ١٦/٤٧٦.