ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا...﴾ (١) إذ قال تعليقاً عليها: ((وعبّر عن جمع الكثرة بجمع القلة إشارة إلى إنّها وإن تجاوزت الحصر فهي كنفس واحدة)) (٢) والمعنى يتوفى الأنفس حين موتها، ويتوفى التي لم تمت في منامها التي يكون بها الحياة والحركة، والنفس التي تميز بها، والتي تتوفى في النوم نفس التميز لا نفس الحياة؛ لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النّفس (٣) وكون النفس تقبض والروح تبقى في الجسد حالة النوم بدليل أنه يتقلب ويتنفس دلّ على التغاير وكونها شيئاً واحداً (٤).
المبحث الثالث
دلالة الاسم والفعل
دلالة الاسم والفعل
تعدّ كتب التفسير من أهم المصادر التي يعوّل عليها في دراسة النحو القرآني، ونعني بالنحو دراسة الكلمة وتحليلها في سياقها العام، وتحديد وظيفتها الدلالية في التركيب الذي بفضله يتبيّن المعنى العام للكلمة (٥).
ومن هذا المجال الذي تحتله كتب التفسير في النحو القرآني تأتي أهمية دراسة الاسم والفعل من خلال كتب التفسير.
وقد عني أغلب النحاة الأوائل بدلالة الجملتين الاسمية والفعلية، وربطوا هاتين الدلالتين بالشكل التكويني لكل منهما، فالمصدّرة باسم جملة اسمية، وتكتب من تصدرها الدلالة على الاستقرار والثبوت، أمّا المصدّرة بالفعل فهي جملة فعلية تكتسب من تصدّر الفعل الدلالة على التغيير والحدوث (٦).

(١). الزمر: ٤٢.
(٢). نظم الدرر: ١٦/٥١٨.
(٣). ينظر: معاني القرآن للفراء: ٢/٣٠٠ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج: ٤/٢٦٨.
(٤). ينظر: البحر المحيط: ٧/٤١٤.
(٥). ينظر: الزمن في القرآن الكريم: ٤.
(٦). الدلالة في النحو العربي: ٨٤ وينظر: البحث الدلالي في تفسير التبيان: ٢٤٣.


الصفحة التالية
Icon