وكذلك ما جاء في المضمار نفسه قوله تعالى: ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إلى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ (١) إذ يقول البقاعي: ((مشيراً بالجملة الاسمية إلى ثبوت دعوته وقوتها)) (٢) فالمعنى: أنهم دعوه إلى ما هو عدم، وهو عبادة الأوثان، فضلاً عن أن يكون نفعاً أو ضرّاً، وفي الجملة الفعلية إشارة إلى بطلان دعوتهم وعدم ثبوتها، وبين لهم أنه ما دعاهم إلاّ لمن له الكمال كله ولا نفع ولا ضر إلاّ بيده، وثبوت قدرته سبحانه وتعالى في جميع الامور، وقد أشار أبو البقاء في الكليات: ((والجملة الاسمية موضوعة للأخبار بثبوت المسند للمسند إليه بلا دلالة على تجدد أو استمرار، إذا كان خبرها اسماً فقد يقصد به الدوام والاستمرار الثبوتي بمعونة القرائن... وإذا كان خبرها مضارعاً فقد تفيد استمراراً تجددياً، إذا لم يوجد داعٍ إلى الدوام...)) (٣) فالمقصود من النص أن الاسم يدلّ على الثبوت إذا كان المسند اسماً، أمّا إذا كان فعلاً فلا يفيد ذلك، وهذا ما أشار عليه البقاعي في قوله تعالى: ((وأنا أدعوكم)) أي: وقع دعاءكم الآتي وقبله وبعده إلى بالغ العزة الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء (٤).
(٢). نظم الدرر: ١٧/٧٧.
(٣). الكليات: ١٤٠ وينظر: معاني الأبنية: ١٧.
(٤). ينظر: نظم الدرر: ١٧/٧٧.