وهناك مجموعة كبيرة من الأمثلة التي أشار إليها البقاعي في هذا الجانب نذكر منها بشكل موجز، ومنها ما جاء في قوله تعالى: ﴿... وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ (١) يقول البقاعي: ((وأعظم التهديد بالاستفهام والجملة الاسمية الدالة على الثبات بعد التأكيد بالحصر والضم إلى فعل الجاهلية)) (٢) وكذلك في قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ (٣) إذ أكد البقاعي على الثبات بقوله: ((فقال مستأنفاً معبراً بالاسمية الدالة على الثبات وبـ ((من)) للدلالة على التصريح تهويلاً بفناء العاقل على فناء غير العاقل)) (٤) وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواِ﴾ (٥) إذ أشار البقاعي إلى النص بقوله: ((ولما كانت الحصون تمنع إتيان الامداد، ودلّ على قوة ظنهم وثباته بالجملة الاسمية)) (٦) في النص القرآني يدلّ تقديم الخبر على المبتدأ على فرط وثوقهم بحصانتها ومنعها إياهم، وفي جعل ضميرهم اسم أن وإسناد الجملة إليه دليل على اعتقادهم في أنفسهم أنهم في عزّ ومنعة.
دلالة الفعل:
درس المفسرون صيغة ((تفعل)) في القرآن الكريم في جوانبها الزمنية التي يضيفها السياق، إذ وجدوا أنّ مقولات بعض النحويين المتعلقة بحصر هذه الصيغة في الحال والاستقبال لا تستوعب كل المقامات الزمنية التي تعبر عنها هذه الصيغة المجردة، وإنّما تنتقل إلى مواقع زمنية من الصيغ مزيجاً من التحليلات النحوية والبلاغية (٧).
(٢). نظم الدرر: ٦/٢٩٤.
(٣). الرحمن: ٢٧.
(٤). نظم الدرر: ١٩/١٦٥.
(٥). الحشر : ٢.
(٦). نظم الدرر: ١٩/٤٠٨.
(٧). ينظر: الزمن في القرآن الكريم: ١٨.