وجاء في قوله تعالى: ﴿... قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (١) ويبين البقاعي دلالة الفعل بقوله: ((وفي صيغة المضارع تصوير لشناعة هذا القتل بتلك الحالة الفضيعة)) (٢) وهذا النص نزل في قوم من اليهود، وكانوا على عهد النبي محمد(ص) لم يقتلوا أنبياء الله بأيديهم، ولا كانوا في زمانهم، وإنّما قتلهم أولياؤهم الذين كانوا من قبلهم، وتصرون على قتلهم من بعد، وفي النص، إيماء إلى تحريضهم على قتل النبي(ص) تحذيراً منهم، ولقد صدق هذا الإيماء الواقع، فقد عزم بنو النضير على أنْ يلقوا عليه صخرة، وسمّه أهل خيبر، فكان التعبير بالمضارع تصويراً لحال اليهود وما أقدموا عليه من شناعة فعل القتل (٣).
وكذلك ما جاء في قوله تعالى دالاً على تصوير الحال قوله تعالى: ﴿... أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا...﴾ (٤) فالمعنى: لما دعاهم إلى الحق وقدم لهم من الأدلة ما هم به معترفون، وسهّل لهم طريق الوصول إلى الله سبحانه وتعالى، ما كان جوابهم إلاّ أن سلخوه من طور البشرية؛ لمحض التقليد على ما سار عليه آباؤهم، فأجلبوا من يرونه سبباً قريباً في وجودهم، ولم يهابوا من أوجدهم وآباءهم أولاً من الأرض وثانياً من النطف، ((وعبروا بصيغة المضارع تصويراً للحال كأن آباءهم موجودون، فلا تمكن مخالفتهم إجلالاً لهم)) (٥) بعد ذكر الحامل لهم على الكفر المانع لهم من تركه وما يوجب القطع لكل عاقل من آيته الباهرة لم يؤثر عندهم إلاّ ما هو دون الظن في ترك إجابته (٦).
٣- دلالة الفعل على الاستجلاب:
(٢). نظم الدرر: ٢/٤٩.
(٣). ينظر: مواهب الرحمن: ١/٣٢٩.
(٤). هود: ٦٢.
(٥). نظم الدرر: ٩/٣٢٠.
(٦). للمزيد ينظر: نظم الدرر: ١/٤٠٢، ٢/٤٩، ٣/٢٠٩، ٥/٣٦٤، ٧/١٨٥، ١٠/٢٣٥، ١١/٢٦، ١٥/١٨٨، ١٦/٣٥١، ١٧/١١١.