من المعاني التي يخرج إليها حرف الباء هو السببية، وأشار أكثر العلماء إلى خروج الباء إلى هذا الاستعمال (١). وقد أشار
البقاعي إلى قوله تعالى: ﴿... لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٢) من المعلوم أن ((الباء)) لها معانٍ كثيرة والذي يهمنا معناه السببية في قوله ((بما كنتم تعلمون))، فيقول البقاعي: ((لأنه سبحانه جعله سبباً ظاهرياً بكرمه)) (٣) والمعنى قيل لهم أي تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون بسبب أعمالكم.. لا بالتفضيل (٤).
وتستعمل الباء للقسم ((وهو أصل أحرفِه وخصّت بجواز ذكر الفعل معه)) (٥) وقد أشار البقاعي إلى هذا الاستعمال في قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (٦) فالمعنى: كانت هذه الإجابة سبباً؛ لأن يخضع وينيب شكراً عليها، وان يطغى ويتمرد ويخيب لانها تسليط وتهيئة للشر فاستشرف السامع إلى معرفة ما يكون من هذين المسببين، عرف أنه منعه الخذلان من اختيار الإحسان، ويقول البقاعي: ((ويجوز أن تكون الباء للقسم)) (٧) وقال القشيري: ((ولو عرف عزته لما اقسم بها على مخالفته)) (٨).
(٢). الأعراف: ٤٣.
(٣). نظم الدرر: ٧/٤٠٤.
(٤). الكشاف: ٢/١٠٥.
(٥). مغني اللبيب: ١/٢٠٧.
(٦). ص: ٨٣.
(٧) نظم الدرر: ١٦/٤٢٦ـ٤٢٧.
(٨) و (٧) نظم الدرر: ١٦/٤٢٦ـ٤٢٧.