وقد أشار ابن هشام خروجه إلى السببية (١). وقد جاء في نظم الدرر كذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ...﴾ (٢). يقول البقاعي: ((وقدّم المال، لأنه سبب قيام النفس، وكان في غاية العزة، و ((في)) سببية، أي جاهدوا بسببه حتى لا يصدّ عنه صادّ فتظهر محاسنه ويسهل المرور فيه من غير قاطع)) (٣) فالمعنى: ولعله عبّر بـ ((في)) إعلاماً بأنّه ينبغي أن يكون متمكناً من السبيل تمكن المظروف من ظرفه حتى يكون الدين غالباً عليه لا يخرج عنه بوجه من الوجوه.
٦- الكاف:
الكاف المفردة جارّة ولها عدة معانٍ، ومنها التعليل (٤)، وأشار البقاعي إلى هذا الاستعمال في قوله تعالى: ﴿... فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ﴾ (٥) يقول البقاعي: ((ولمّا أمر سبحانه وتعالى بالذكر عند الأمن علله بقوله: ((كما علمكم)) لأجل إنعامه عليكم بأن خلق فيكم العلم المنقذ من الجهل، فتكون الكاف للتعليل)) (٦) فالمعنى كما أحسن إليكم ما كنتم جاهلية من أمر الشرائع، وكيف تصلون في الخوف وحال الأمن، وذكر أبوحيان الأندلسي تعليقاً على الآية الشريفة، أن ((كما علمكم)) أي كما أنعم عليكم فعلمكم، إذ عبّر بالسبب عن المسبب، وأن الكاف هاهنا للتعليل (٧).
٧- اللام:
(٢). الأنفال: ٧٢
(٣). نظم الدرر: ٨/٣٣٧
(٤). ينظر: مغني اللبيب: ١/٣٥٥
(٥). البقرة: ٢٣٩.
(٦). نظم الدرر: ٣/٣٧٦.
(٧). ينظر: البحر المحيط: ٢/٢٤٤ ونظم الدرر: ٣/٣٧٦.