وقد أحسن الأصوليون قيمة هذه المبادئ؛ لأنّها تساعدهم على فهم النص بشعب المعنى الثلاث: المعنى الحقيقي أمّا وضع اللفظ بازائه أصالة وهو ما يتكفل به علم المعجم، والمعنى الاستعمالي، وهو الذي تجاوزه فيه اللفظ اللغة العربية وذلك المعنى الأصلي، فاستعمل اللفظ في غيره على سبيل المجاز، أو الكناية وهذا ما يتكفل به علم البيان، والمعنى الوظيفي وهو ما تؤديه الكلمة بما لها من معنى حقيقي أو استعمالي في أثناء تركيبها مع غيرها (١).
بيد أنّ البحث الأصولي بشكله العام يتناول البحث عن العلاقة بين اللفظ والمعنى من جانبين: نظري وتطبيقي (٢).
أما الجانب النظري فيعالج النقاش فيه حول ثلاث مسائل رئيسة: أصل اللغة أتوقيف هو أم اصطلاح، وجواز القياس، أو عدمه في اللغة، والاختلاف في دلالة الأسماء الشرعية، كالصيام والصلاة والحج والزكاة.
إمّا الجانب التطبيقي: فيعني الخطاب الشرعي بأنواع دلالة اللفظ على المعنى كما استخلصوها من كلام العرب.
وقد كان هناك اختلاف في تقويم الدلالة وأنواعها بين الأحناف والمتكلمين من الأصوليين، وقبل البدء بذلك تجدر بنا الإشارة إلى أنّ لعلماء المنطق تقيسماً اصطلاحياً للدلالة وقد افاد منه الأصوليون فهي عندهم على قسمين (٣)
١- الدلالة اللفظية: وهي التي يكون فيها الدال لفظاً أو صوتاً.
٢- الدلالة غير اللفظية: وهي الدلالة التي لا دخل للفظ فيها، إنّما يكون الدال فيها إشارة أو تعبيراً.
وتنقسم كلتا الدلالتين على دلالة طبيعية ودلالة وضعية ودلالة عقلية على النحو الآتي (٤) :

(١). ينظر: الأحكام للآمدي: ١/٩، والبحث النحوي عند الأصوليين: ٩، والبحث الدلالي عند سيف الدين الآمدي: ١٦.
(٢). ينظر: بنية العقل العربي: ٥٦ـ٥٨، والبحث الدلالي عند ابن سينا: ٢٥.
(٣). مفاهيم الألفاظ ودلالتها عند الأصوليين: ١٠.
(٤). أسباب اختلاف الفقهاء: ١٥٦، وينظر مفاهيم الألفاظ ودلالتها عند الأصوليين: ١٠.


الصفحة التالية
Icon