٣- دلالة الالتزام: أجمع البلاغيون على أنّ الدلالة الوضعية لا يقع فيها تفاوت، وإنّما يقع التفاوت في الدلالة الالتزامية أو دلالة الالتزام، وقال ابن الزملكاني: ((اللفظ أمّا يعتبر بالنسبة إلى تمام مسمّاه وهو مطابقة، وإلى جزئه من حيث هو كذلك وهو تضمن إلى ما يكون خارجا عن المسمى من حيث هو كذلك وهو الالتزام)) (١) فالأولى وضعية والباقيتين عقليتان؛ لأنّ وضع اللفظ إذا وضع للمسمّى انتقل الذهن من المسمّى إلى اللازم. (٢)
ولو تأملته قليلاً في هذا التقسيم الذي أقرّه كل من المناطقة والأصوليين في تقسيم الدلالة اللفظية إلى ثلاثة أقسام هي: ((دلالة عقلية وتضمنية والتزاميه))، في حين الذي يظهر واضحاً في كثير من كتب الأصوليين، أنّ الأصوليين انقسموا على فئتين في تحديد طرائق الدلالة هما: طريقة المتكلمين وطريقة الأحناف.
الأولى: طريقة الجمهور ((المتكلمين)) وقسموا طرائق الدلالة على قسمين (٣) :
أ: المنطوق
ب: المفهوم
وينقسم المنطوق على قسمين.
أ: المنطوق الصريح
ب: المنطوق غير الصريح.
والمنطوق غير صريح ينقسم على ثلاثة أقسام:
أ: الاقتضاء
ب: الإيماء.
ج: الإشارة.
الثانية: طريقة الفقهاء ((الأحناف)).
وقد قسموا طرائق الدلالة على أربعة أنواع وهي:
أ: عبارة النص.
ب: إشارة النص.
ج: دلالة النص.
د: إقتضاء النص.
ويتضح من الموازنة بين الطريقتين ما يأتي:
أ: إن طرائق الدلالة عند الأحناف تلتقي مع تقسيم المتكلمين
إلاّ في طريقتين.
أ: الإيماء: إذ لا يعدونها الأحناف من طرائق الدلالة وإنْ كانت تعدّ عندهم في القياس.
مفهوم المخالفة، فهم لا يقدّمون بدلالته.
(٢). ينظر: مفتاح العلوم: ١٥٦، والبرهان الكاشف: ٩٨.
(٣). ينظر: مفاهيم الألفاظ ودلالتها عند الأصوليين: ٧ـ ٨ وأصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد: ١/١٠ـ ١١.