ب: يلتقي الفريقان في دلالة الاقتضاء والإشارة اسما ومضموناً، ولكن ما سمّاه الجمهور ((المنطوق الصريح)) وسمّاه الأحناف ((دلالة العبارة)) وكذلك مفهوم الموافقة عند المتكلمين يسمّى ((دلالة النص)) عند الأحناف (١) يبدو واضحاً من خلال هذا التقسيم الذي أقرّه كل من المتكلمين والأحناف، بأنّ المنطوق الصريح الذي سمّاه المتكلمون ودلالة العبارة عند الأحناف، هي دلالة المطابقة ودلالة التضمين التي أقرّها كل من المناطقة والأصوليين، فدلالة المطابقة والتضمين، إذاً هي دلالة المنطوق الصريح عند المتكلمين ودلالة العبارة عند الأحناف.
أمّا المنطوق غير صريح عند المتكلمين وإشارة النصحاء واقتضائه عند الأحناف فهو دلالة الإلتزام عن المناطقة والأصوليين؛ لأنّ دالة الالتزام تتضمن ((الاقتضاء والإشارة والإيماء)).
ومن خلال التقويم الدلالي لكل من الأصوليين والمناطقة يظهر أنّ الدلالة الوضعية اللفظية هي نفسها المستخدمة عند الأصوليين ((المتكلمين والأحناف)).
وقد سار البقاعي في تفسيم الدلالة على النهج الذي سار عليه المتكلمون، إلاّ أنّه لم يشر إلى التقيسمات التي أشار إليها المتكلمون بشكلها الواضح، إنّما يظهر لي من خلال الأمثلة المتناثرة في نظم الدرر إلى الميل الكبير إلى نهج الإمام الشافعي مع التطرق إلى أقسام الأحناف في هذا التقسيم، فضلاً عن أنّ البقاعي لم يتناول جميع أنواع الدلالات المشار إليها سابقاً، إنّما اقتصر على بعضها متطرقاً إليها عند الوقوف على بعض النصوص القرآنية؛ لبيان أهمية المعنى في النص القرآني، وعلى هذا الأساس أحاول الوقوف على أنواع الدلالات التي أشار إليها البقاعي:
١- دلالة المنطوق:
١ـ المنطوق الصريح: