وما جاء في قوله تعالى: ﴿... وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١) وفي النص القرآني يتطرق البقاعي إلى دلالة التضمين، اذ يشير إلى قوله تعالى(يحاسبكم) وهي من المحاسبة، وهو استيفاء الاعداد فيما للمرء وعليه من الاعمال الظاهرة والباطنة يعني يجازى بها (٢) ويشير قائلا: ((ولما كان حقيقة المحاسبة ذكر الشيء والجزاء عليه وكان المراد بها هنا العرض وهو الذكر فقط بدلالة التضمين)) (٣) اذ نلاحظ ان لفظة ((يحاسبكم)) قد تضمنت معنى المحاسبة على أعمالنا صغيرة كانت أو كبيرة، وهذا ما يفهم من صدر الآية من التخويف ثم أعقبه قوله تعالى: ((يغفر لمن يشاء)) أي فلا يجازيه على ذلك كبيرة كان أو لا بتكفير أو جزاء، وقد أشار الحرالي: ((وفي ضمن هذا الخطاب لأولي الفهم إنباء بأن الله سبحانه وتعالى إذا عاجل العبد بالحساب بحكم ما يفهمه ترتيب الحساب على وقوع العمل حيث لم يكن فيحاسبكم مثلا فقد أعظم اللطف به، لأن من حوسب بعمله عاجلا في الدنيا خفّ جزاؤه عليه)) (٤)
وكذلك ما جاء في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (٥) وأشار البقاعي إلى هذا النوع من ودلالة التضمين، وتكمن هذه الدلالة في قوله تعالى: (لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة)) ففي النص ذكر الأكل، لأنه معظم الانتفاع به، والربا هو الزيادة على أصل المال، اذ يقول البقاعي: ((ناه عن الالتفات إلى الدنيا على غنيمة أو غيرها بطريق الاشارة بدلالة التضمن)) (٦)

(١). البقرة: ٢٨٤.
(٢). ينظر: نظم الدرر ٤/١٦٥.
(٣). نظم الدرر: ٤/١٦٦.
(٤). نظم الدرر: ٤/١٦٥.
(٥). آل عمران: ١٣٠.
(٦). نظم الدرر: ٥/٦٣-٦٤.


الصفحة التالية
Icon