وقد جاء في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ (١) ونلتمس في النص القرآني دلالة واضحة وهي دلالة التضمن على حد ما أشار إليه البقاعي ومكمن هذه الدلالة في قوله تعالى: ( يستمعون) إذ يقول البقاعي: ((وضمن الاستماع الإصغاء، ليؤدي مؤدى الفعلين، ودلّ على الإصغاء بصلته معلقة بحال انتزعت منه، فكأنه: قال مصغين إليك)) (٢) فان ضمن الاستماع إلى القرآن الكريم تضمن الإصغاء أيضاً، ولما كان المستمع أكثرهم، وكان طريق ذلك السمع والنظر وتحديق والعين فان قوله تعالى ((يستمعون) يتضمن النظر والإصغاء إلى الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) في سماع القرآن، ونقل البقاعي عن التفتازاني أنه قال في حاشية الكشاف((وحقيقة التضمين ان يقصد بالفعل معناه الحقيقي مع فعل آخر يناسبه وهو كثير في كلام العرب، وذلك مع حذف مأخوذ من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية، ويتعين جعل الفعل المذكور أصلا والمذكور حاله تبعا، لأن حذفه والدلالة عليه بصلته يدل على اعتباره في الجملة لا على زيادة القصد إليه)) (٣)
وهناك مجموعة من النصوص القرآنية التي أشار اليها البقاعي في ضمن هذا الجانب يدل فيها على دلالة التضمين، منها قوله تعالى: ﴿وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ...﴾ (٤) إذ يقول البقاعي: ((محدقا أو راميا ببصره من بعيد، فهو من التضمين)) (٥) وضمن النظر يكون الاستماع والإصغاء إلى الرسول الكريم( صلى الله عليه وآله وسلم) (٦)
ب: دلالة المطابقة
(٢). نظم الدرر: ٩/١٢٧.
(٣). نظم الدرر: ٩/١٢٩.
(٤). يونس: ٤٣.
(٥). نظم الدرر: ٩/١٢٨.
(٦). للمزيد ينظر: نظم الدرر: ٢/٢٣٥، ٩/١٢٩-١٣٠، ١١/٦٥-٦٨، ١٣/٥٢-٣٠١.