مرّ سابقا تعريف دلالة المطابقة، إلاّ أني لم أجد البقاعي يشير إلى تعريف هذه الدلالة، وانما عثرت على إشارة إلى هذا النوع من الدلالة في إثناء تناوله لبعض النصوص القرآنية.
فقد جاء في قوله تعالى: ﴿... وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (١) ويبين البقاعي أن هذا النص القرآني يحتوي على نوعين من الدلالة، دلالة تضمين ودلالة مطابقة إذ يقول: ((ولعله عبّر عن الحساب بالتنبئة، لأن العلم بالعمل سبب للمجازاة عليه أو لأنه جمع القسمين ومحاسبة السعيد العرض فقط بدلالة التضمن ومحاسبة الشقي بالمطابقة)) (٢) يدل النص القرآني ولا سيّما كلمة(فأنبئكم) ان الله جلّ وعلا شأنه جامع الناس ليوم لا ريب فيه، فيحاسبنا على أعمالنا من صغير وكبير وجليل وحقير وما كان في جبلاتنا مما لم يبرز إلى الخارج، فأنبئكم بمعنى أحاسبكم. فيحاسب الله السعيد بدلالة التضمن، بعرض الحساب عليه فقط، لأن الله يغفر لمن يشاء، أمّا الشقي فيعذبه بأنواع العذاب بدلالة المطابقة.
(٢). نظم الدرر: ١٥/١٧٠.