وفي تركيز القرآن على هذه الصيغ والمواد التي ذكرتها ما يدل على أن القرآن لا يريد من الأمة أن تكون أمة عاملة فقط بل يريدها مع العمل أن تتميز بميزات فريدة، وحسبنا من تركيز القرآن الكريم في فواصله على مادة (العلم ) ومشتقاتها المختلفة، حسبنا منه ما يدل على أن الأمة العاملة العالمة شيء متميز في هذه الحياة، ولذلك لا بد من التركيز على العلم وبعث روحه في أرجاء الأمة الإسلامية لا سيما في هذا الوقت الذي يرى فيه كثيرون يحرمون أنفسهم و أبنائهم من العلم، ليركضوا وراء متع الدنيا ولذائذها، يحسبون أن المتع واللذائذ هي غاية التكليف، وهي مرماه وهدفه فإذا ما أصيب واحد في هذا الجانب بدأ عليه الهلع والجزع.
واحسب أن على حكومات المسلمين والقائمين على أمور الناس أن عليهم أن يأخذوا على أيدي هؤلاء ويمنعوهم من العبث ببنيان الأمة، فليس للفرد حرية التصرف في نفسه بما يؤدي إلى زلزلة كيان أمته ويقوض بنيانها، ولا شك أن الضريبة الأولى المترتبة على التجافي عن العلم، هي فشو الجهل، وهل نزل القرآن الكريم في ضمن ما نزل إليه إلا لمحاربة الجهل والجاهلين ؟(١)٨)
وبعد فإذا لم يقد العلم إلى الاجتهاد والتجديد فأي فرق بينه وبين الجهل ؟!
خامساً : إن ما في القرآن من الحوافز الدافعة إلى إعادة قراءته مرة تلو المرة لأكبر الأدلة على الدعوة إلى التجديد في الفهم لان القرآن دافع إلى الرقي فإذا كانت القراءة المتوالية لا تنتج منها راقيا عن الفهم السابق فكأنها لم تكن ! وهذا ولا ريب من حوافز التجديد والدعوة إليه في كتاب الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon