فها هي ستة وأربعون علماً أدرجها السيوطي ضمن ثمانين علماً من علوم القرآن الكريم يمكن للباحث المحقق أن يرى أنها ليس لها علاقة مباشرة بالتفسير وإنما لها علاقة في تنمية مهارة المفسر وإطلاعه قبل أن يفسر، فأين هذا من ذاك ؟ فهذا في ظني أول ما يحتاج إلى التجديد فيه وخلاصته حصر العلوم التي لها علاقة مباشرة بالتفسير والتي ليس لها تلك العلاقة. ولا يعني هذا إلغاؤها من المعرفة وإنما جعل ارتباطها بمقدمات التفسير وليست من ضمن علوم التفسير نفسه.
وأما ما نحتاج إليه بعد فرز ما يتعلق بعلم التفسير من هذه العلوم – إذ لا يعقل أن تبقى هذه الأمور مقدمات ضرورية لا بد منها لمن يتعاطى علم التفسير – ما نحتاج إليه هو تنقية تلك العلوم مما علق بها من آراء ضعيفة أو موضوعة أو أحاديث موضوعة وضعيفة بعد دراسة أسانيدها ودراسة رواتها. فإنه لا يعقل أن تبقى هذه الأحاديث تدور في الكتب ينقلها المتأخر عن المتقدم وكأنها حتم مقضي لا يجوز تركه ولا التخلي عنه ولا بأس هنا من ضرب بعض الأمثلة لما نريد.
١- في مبحث أو علم المكي والمدني يذكر الكاتبون في علوم القرآن الكريم أن سور القرآن مقسومة إلى قسمين ما نزل منها قبل الهجرة وما نزل بعد الهجرة.
وأن هذين القسمين يتداخلان بحيث يكون ضمن السور المكية آيات مدنية والعكس. فإذا سلمنا وهو سليم بالقسم الأول فكيف يتم التسليم بالقسم الثاني وهو وقوع آيات مكية في سور مدنية على أنني لا أعلم أن أحداً جاء لهذا الاستثناء في هذا القسم بدليل واحد صحيح وقد محص ابن عاشور كل ما قيل في هذا الباب في مقدمات تفسيره للسور القرآنية فلم يذكر لقول واحد حديثاً صحيحاً وهي محاولة جيدة.