تكاثرت الكتب في الحديث عن أسباب النزول حتى غدا عدد كبير من الآيات الكريمة نازلاً على سبب، ولقد كان من نتيجة هذا الاستكثار أن اختلط الحابل بالنابل فمن رواية ضعيفة أو موضوعة تشتهر في الكتب فتبقى تدور كأنها وحي منزل(١)٤)ومن أقاويل مسندة إلى السلف في هذا الباب، ونسبة كبيرة منها لا علاقة له بأسباب النزول، واختلط في هذا الباب أقوال كثيرة في التفسير بأسباب النزول، وإن الدارس الممحص لهذه المرويات لن يعجزه أن يجد نسبة كبيرة مما يطرح على أنه من أسباب النزول هو من قبيل الرأي في التفسير ولا علاقة له بأسباب النزول في فتيل ولا قطمير ومن العجب أن تجد حوادث وقعت في المدينة عدت سبباً لآيات نزلت قبل الهجرة !!(٢)٥)
٥- ما يخص القصص القرآني : حيث يمثل القصص القرآني ما لا يكاد يقل في مجموعة عن ربع آيات الكتاب الكريم وفي كتب التوراة والإنجيل ما يفيض زوراً عن الأنبياء والمرسلين خاصة ومع هذا نجد كثيرا من المفسرين لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار إلا وينقلوا عن بني إسرائيل في الحديث عن جوانب من القصة القرآنية ما يملأ صفحات عديدة لا يثبت منها شيء وما ثبت بالنقل الصحيح فلا فائدة فيه. إن من المؤسف حقاً أن نرى كتابا معاصرين يلجأون إلى كتب التوراة والإنجيل فينقلوا منها ما يعدونه تفسيراً لنبوءات قرآنية أو نبوية. مما يترتب عليه من النتائج الخطيرة ما لا تحمد عقباه(٣)٦)
ومن العجب أن يصر كثير من المؤلفين على أن من مصادر التفسير القرآني في العهد الأول اعني عهد الصحابة الراوية عن الإسرائيليات، وللأسف تكاد تكون هذه القضية من المسلمات عند هؤلاء الكتاب المعاصرين.
أو ليس عجباً أن يظهر في المسلمين مفسر كبير مثل الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ينقل في تفسيره مئات الصفحات عن التوراة والإنجيل في مواضع متعددة. فما حاجتنا إلى مثل هذا في تفسير القرآن الكريم ؟!


الصفحة التالية
Icon